حجم الخط + -
2 دقائق للقراءة

في تحليل نفسي يعيد قراءة شخصية “عمر بن سعد”، من زاوية علم النفس السلوكي والاجتماعي يتضح أن هذه الشخصية ليست مجرد عدو تاريخي يُلعن في المجالس، بل نموذج نفسي يتكرر في حياتنا اليومية.

الطبيب النفسي البصري خلدون إقبال دعا في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي وتابَعَته “الراية”، إلى ضرورة التركيز على شخصية عمر بن سعد في المجالس الحسينية والمواكب العزائية، لا بغرض التذكير بتاريخ المعركة فقط، بل لفهم النفس البشرية ومواجهة تلك اللحظات التي قد يتصرف فيها الإنسان كما تصرف عمر، من حيث لا يشعر.

وأشار الطبيب إقبال في تحليله إلى أن عمر بن سعد لم يكن شريرا مطلقا كيزيد بن معاوية، ولا بطلا واضحا كالإمام الحسين (عليه السلام)، بل كان شخصية مترددة ممزقة بين نداء الحق والطمع في السلطة.

ويضيف الطبيب البصري أن ابن سعد ظل لأيام من الثالث إلى الثامن من محرم يعيش صراعا داخليا بين الوقوف مع الحسين (عليه السلام) أو الحفاظ على حكم الري الذي وعده به عبيد الله بن زياد.

واستند الطبيب إقبال إلى مفهوم التنافر المعرفي (Cognitive Dissonance) في تفسير حالة عمر بن سعد، موضحا أن الأخير كان يعلم يقينا بأن ما يفعله خطأ جسيم، لكنه اختار السير خلف الباطل خوفا على مصلحته الشخصية، وهو ما يخلق عند الإنسان قلقا داخليا وحالة من العذاب النفسي.

كما بيّن الطبيب أن عمر بن سعد يمثل نموذج الانصياع للسلطة (Authoritarian Submission)، حيث أذعن لتهديدات عبيد الله بن زياد دون قناعة، خضوعا لسلطة قاهرة، وهو سلوك يكرره كثير من الناس عندما يسلمون أنفسهم لأوامر ظالمة خوفًا من الخسارة.

ويصف تحليل الطبيب إقبال شخصية عمر بن سعد بأنها انتهازية تجنّبية (The Opportunistic-Avoidant Personality)، وهي الشخصية التي تريد أن تحقق المكاسب دون أن تتحمل أي ضريبة أو مخاطرة، لكنها غالبًا ما تخسر الاثنين معًا، كما خسر عمر بن سعد الدنيا والآخرة.

وأكد الطبيب أن عمر بن سعد كان يستخدم آليات دفاع نفسي (Rationalization) لتبرير أفعاله لنفسه، مثل قوله: “أنا مأمور”، أو “المصلحة العامة أهم”، وهو ما يشبه التبريرات التي يتخذها بعض الأشخاص اليوم لتسويغ مواقفهم في دعم الظالمين أو الصمت عن الفساد.

وختم الطبيب النفسي منشوره بدعوة إلى ضرورة النظر إلى عمر بن سعد كمرآة شخصية وليست فقط صفحة في كتب التاريخ، مبينًا أن النموذج ذاته يتكرر في واقعنا:
• في موظف يسكت عن الفساد حفاظًا على وظيفته.
• في قاضٍ يبيع عدالته من أجل مكسب شخصي.
• في إعلامي يحرّف الحقيقة بدافع المصلحة.

وأكد أن الخطر الحقيقي يكمن حين يتحول أحدنا إلى “عمر بن سعد” دون أن يشعر.